بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 أغسطس 2011

النظام القبلي ومفاهيم الديمقراطية والحداثة

النظام القبلي ومفاهيم الديمقراطية والحداثة
بقلم/ تاج السر محمد
الإثنين 06 يوليو-تموز 2009 11:53 ص

 
إن مايحدثه النظام من تكبيل الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة الآراء والصحف والاعتداء على المتظاهرين وسفك دماءهم واطلاق الاعتقالات الواسعة في أوساطهم لمجرد مطالبتهم بحقوقهم المسلوبة يعد نسفاً كاملاً لادعاءات السلطة بتحقيق الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير.
نعم ان ذلك يعد نسفا لادعاءات السلطة بتحقيق الديمقراطية وليس نسفا للديمقراطية لأن الديمقراطية الحقيقية لم تتحقق يوما ما في هذا الوطن الذي تحكمه القبيلة.
فحين ندعي زورا وبهتانا بأننا دولة ديمقراطية يجب أن ندرك جيدا بأن الديمقراطية ليست مجرد شعارات أو ألقاب ننسبها لأنفسنا بل إنها مضمون عميق لها شروطها وأدواتها ومقوماتها الخاصة كما أن لها المؤشرات المتعارف عليها والتي تثبت وجودها من عدمه في أي نظام يدعي تحليه بها .
ولمعرفة ما إذا كنا دولة ديمقراطية علينا أن ندرك جيدا مدى تحقيقنا للظروف الملائمة للديمقراطية، فلابد للديمقراطية من مناخ معين تستطيع البقاء فيه وبدونه سرعان ماتتلاشى وتموت تاركة المساحة للنظم الاستبدادية لتحل محلها.
ولعل شروط تحقيق الديمقراطية بالنسبة لمجتمعات كانت تحكمها أنظمة استبدادية هو م اذكره الكاتب جميل عودة في مقال قرأته له بعنوان "في أي ظروف تصبح الديمقراطية ممكنة ؟" ، حيث قال: من أجل أن نعيش لحظة الانتقال الديمقراطي في بلادنا ونشعر بلذتها، ونتناسى الماضي، علينا والأحزاب السياسية أن نوفر أدوات الانتقال السلمية الايجابية عبر تحقيق شرطين أساسين وهما:
أ - تفكيك جهاز السلطة الاستبدادية القديم: فللسلطة المستبدة أجهزة قمعية واستبدادية وفيها قيادات خشنة ومتمردة على القيم الإنسانية إلا قيم طاعة السلطة المستبدة، وبقاء هذه الأجهزة سواء على شكل أجهزة سياسية كالحزب المستبد أو أجهزة أمنية أو استخباراتية، أو تدجين أو تطعيم الأجهزة الديمقراطية الجديدة بالقيادات القمعية مفترضة الولاء للسلطة المستبدة وقيادتها سيؤخر الانتقال السلمي ولحظة الانتقال، لان هؤلاء لن يحظوا في ظل النظام الديمقراطي بما كانوا يحظون به في ظل النظام الدكتاتوري.
ب- اختيار القوى السياسية الجديدة مؤسسات ديمقراطية كإطار تتمكن من خلاله أن تحقق مصالحها، أي أن تخلق ظروف كفيلة بتحقيق مصالحها في الصراعات المستقبلية مع حلفائها الحاليين. حيث تصبح الديمقراطية ممكنة عندما تجد القوى السياسية مؤسسات كفيلة بان تقدم ضمانا معقولا بان لا تتأثر مصالحها بصورة معكوسة تماما في غضون المنافسة الديمقراطية، حيث لا يمكن أن تكون الديمقراطية نتيجة مصالحة جوهرية بل قد تكون نتيجة مصالحة مؤسساتية.
ولقد تابعت نقاشا في إحدى القنوات الفضائية عن الديمقراطية في الأنظمة العربية واستطعت ان استشف من حوار المتناقشين بأن للديمقراطية ادوات مصاحبة عن طريقها يمكننا تحقيق الديمقراطية الحقيقية وفي نفس الوقت تعد مؤشرا على وجودها ، هذه الأدوات هي الانتخابات الحرة والنزيهة والاعلام الحر والمجتمع المدني وكذلك التعددية السياسية الحقيقية وليست الشكلية . وبالتأمل في تلك الأدوات او المقومات واستقراء مدى وجودها في نظامنا الذي يدعي انتهاجه للديمقراطية سنكتشف بأن هذه الأدوات جميعا تكاد تكون منعدمة ولاوجود لها بمعناها الجوهري الذي ينبغي ان تكون عليه.
كما ان الجدير بالذكر بأن للديمقراطية ضرورة هامة ورئيسية وهي ضرورة ارتباط الديمقراطية بالحداثة وعدم ارتباطها بمفاهيم القبيلة والطائفة لأنها لا تتلاءم ولا تلتقي على الإطلاق معهما.
وإذا ما أدركنا بأن نظامنا نظام قبلي من الدرجة الأولى فعلينا أن نعرف تلقائيا بأنه لامجال لانسجام هذا النظام مع مفاهيم الديمقراطية والحداثة.، وإذا ماراودنا الحلم بتحقيق الديمقراطية في مجتمعنا فعلينا أولا التخلص من النظام القبلي وإحلال نظام حداثي محله يستطيع أيجاد المناخ المناسب والبنية التحتية للديمقراطية الحقيقية التي نحلم بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق