بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 أغسطس 2011

تاريخ الوحدة اليمنية هل يتم تزويره !؟

تاريخ الوحدة اليمنية هل يتم تزويره !؟
بقلم/ تاج السر محمد
السبت 16 مايو 2009 01:27 م

التاريخ أمانة تورثها الأجيال الحاضرة للأجيال القادمة , ويفترض أن يعنى بكتابته أشخاص مختصون أمناء يقولون الحق ولا يخافون في الحق لومة لائم , ومع ذلك يضل التاريخ معرفة نسبية , وليست معرفة حقيقية مطلقة ,ومن أجل أن نقف على هذه المعرفة , سنورد بعض لمحات عشناها نحن أبناء اليوم , وعرفنا معظم تفاصيلها , ومع ذلك نراها تكتب بطريقة مغايرة أمام أعيننا دون أدنى اعتراض منا , ويعد سكوتنا إقراراً ضمنياً بحقيقة ما يكتب , وسينتقل هذا الزيف الذي سكتنا عنه إلى أبناءنا وأحفادنا والأجيال القادمة كحقيقة لا غبار عليها .
فلوتأملنا الوحدة اليمنية كأهم حدث في تاريخ اليمن المعاصر , صُنع هذا الهدف أمام أعيننا , وتابعنا خطوات تحقيقه خطوةً بخطوة ومع كل خطوة كانت ترقص أفئدتنا طرباً وأملاً بهذا الوعد القادم حتى تحقق بمشيئة الله تعالى , ثم بجهود المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء , الذين تجمعوا حول حب الوطن ولم شمله , وآثروه على أنفسهم ومصالحهم .
تحققت الوحدة اليمنية ولم يكن تحقيقها سهلاً , فلقد سالت دماء وأزهقت أرواح لا ذنب لها إلا حب الوطن الغالي، وقد تابعنا جميعا كل ماصاحب ذلك من تحالفات تبعها تصفيات واغتيالات وصراعات سياسية وايدلوجية في ظل أجواء ملبدة يسودها الترقب والحذر ويؤطرها المكر والتآمر . وظهرت نوايا الضم والابتلاع واضحة جلية من قبل الأطراف السياسية والعسكرية التابعة للرئيس ونظام السياسي في الشمالي سابقاً .
وفي نفس الوقت الذي كانت القيادات في الحزب الإشتراكي اليمني تبحث عن الحلول السياسية والإقتصادية ، بالمقابل كان الرئيس وحزبه وحلفاءه يبحثون عن الحلول العسكرية كخيار وحيد أمامهم لإلحاق وضم المؤسسات الجنوبية إلى سلطته في الشمال عن طريق الحسم العسكري .
وبينما كانت المؤسسات العسكرية تعد عدتها لخوض حرب طاحنة ضد الجنوب ، كانت ثمة أطراف سياسية تراوغ حرصا على كسب الوقت اللازم وكذا تحقيقا لعنصر المفاجأة . كتكتيك عسكري هام وفعال في كسب المعارك على مر تاريخ الحروب .
ولأن الشعب اليمني مؤمن بالفطرة ومحب لعقيدته غيور عليها ، فقد استغلوا هذا الجانب الروحي والمعنوي في حياة الناس وحرصوا على الصاق صبغة دينية عقائدية ذات قداسة على حربهم الآثمة .واستخدموا علماء الأمة أسوأ استخدام في الترويج لقدسية تلك الحرب ومشروعيتها .
وفعلا قامت الحرب المخطط لها مسبقا والمعلنة رسميا من الرئيس علي عبد الله صالح في ميدان السبعين . ولم يكتف النظام بعنصري المفاجأة والتعبئة العقائدية المظللة لحسم تلك الحرب . بل استغل عاملا جديدا كان له السبق في استخدامه في تاريخ الحروب المعاصرة ، ذلك العامل هو حشده وتعبئته لرجال القبائل وقطاع الطرق للمشاركة في تلك الحرب مقابل إجازته لهم بنهب وسلب كل ما يقع تحت أيديهم من أموال ومقدرات وأسلحة مكافأة لهم لقاء مشاركتهم في تلك الحرب .
وقامت الحرب التي كان من قام بها وشارك فيها مع (قوات الشرعية) يعدها جهادا في سبيل الله أحلت فيها الغنائم تماما كغزوات العصور الغابرة قبل وبعد الاسلام
ودمرت في تلك الحرب ونهبت مقدرات وإقتصاد دولة متكاملة وتفرق خيرها وعتادها بين قادة الجيش ورجال العصابات . في معزل عن الخزينة العامة والاقتصاد العام لكل اليمنيين .
وبعد الحرب مباشرة بدأت الآثار السلبية تتراكم لتكوي بنارها أبناء الجنوب وكل منتسبي الحزب الاشتراكي وكل الرافضين لتلك الحرب الآثمة والطاعنين في مشروعيتها وقدسيتها المزعومة على مختلف ميولهم وانتماءاتهم .
وصار النظام يتعامل مع كل أولئك وفق ثقافة المنتصر المتغطرس ، ليصادر الحقوق والممتلكات والحريات . ولم يكتف بمصادرة حقوق وحريات معارضية ، بل امتدت أياديه لتنال من شركائه وحلفائه ليؤكد لكل المتابعين والمراقبين بأن نظامه لا يملك عهدا ولاذمة ويصعب عليه الاحتفاظ بحليف أو صديق .
هذه لمحة بسيطة غير وافية لجزء يسير جدا من مرحلة حساسة ومصيرية في التاريخ اليمني المعاصر . ومن هذا المنطلق أوجه دعوة للمؤرخين المختصين ، بضرورة تدوين تاريخ الوحدة ، بكل تجرد وشفافية واضعين الحقيقة نصب أعينهم لأنهم سيكتبون للغد , وللأجيال القادمة ,حتى لا تصب عليهم اللعنات بعد موتهم .
وحين يكتب هؤلاء المؤرخون عن الوحدة اليمنية يجب أن يقيموا جوانب الخير والشر في هذا المنجز بإنصاف فحين نتحدث عن الشعب وعلاقته بالوحدة , يجب أن نكون منصفين لنبين أن هنالك فئة أرتقت والتهمت كل شيء وفئة ضحت وطحنت ولم يتبق لها حتى الفتات .
 ولعلي حين أسمع شكوى بعض المواطنيين في المحافظات الجنوبية وتذمرهم أرثي لحالهم , وأتعاطف معهم لكن البعض وللأسف الشديد يحاول التظليل على الجنوبيين ليحول رؤاهم إلى رؤى سلبية لا تخدمهم ولاتخدم الوطن ليحول شكواهم إلى كراهية ,يذهبوا بها أبعد من الأسباب التي خلقت معاناتهم فتأثر البعض القليل من الجنوبيين بهذه الدعاوى التظليلية ، وباتوا يكرهون الشماليون ويحقدون عليهم وهذا هو الخطأ بعينه .
فهناك مناطق يمنية عانت وطحنت من قبل النظام تماما كما طحنوا وأكثر ,فالمناطق الوسطى مثلاً كانت منذ زمن التشطير وأثناء الوحدة وبعدها بين فكي رحى وتعد في نظري من أكثر المناطق اليمنية التي ساهمت بالنصيب الأوفر في دفع ثمن الوحدة اليمنية من خيرة رجالها وأموالها ومصالحها ولم تحظى في المقابل بنصيبها الذي تستحقه من خيرات الثورة والوحدة أسوةً بغيرها, ومع ذلك لا نسمع لهم شكوى أو تذمر لأنهم يرون أن الوطن يستحق منهم ذلك وأكثر.
فكانت تلك المناطق هي الخط الساخن للصراع بين الشطرين سابقاً وبين القيادتين السياسيتين بعد الفترة الانتقالية وما أتبعها من مما حكات ومكايدات واغتيالات واعتقالات وتصفيات سياسية إنتهاءاً بالحرب والاقتتال بين الأخوة ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك إذ استمرت بعض التصفيات السياسية وحتى الوقت القريب (وللتأكد من ذلك أرجعوا إلى الأعداد السابقة من صحف المعارضة لتقفوا على كل حالة وما خفي كان أعظم ).
وبالرغم مما سبق يجب أن نطرد هاجس التشطير والعنصرية والمناطقية من رؤوسنا لأنها من أسوأ الأمراض التي أبتليت بها الأمم على مر الزمن. , ويجب أن ندرك أن همنا ومعاناتنا واحدة ومطالبنا واحدة فلنسعى معاً كأبناء وطن واحد لتغيير أحوالنا السيئة نحو الأفضل وبالطرق المشروعة والحضارية .
وحين نكتب عن صناعة الوحدة كأهم حدث تاريخي في تاريخ اليمن المعاصر يجب أن نكتب عن صناعها بكل شفافية ومصداقية ووضوح , لنكون صادقين أمام أنفسنا ومع وطننا وشعبنا والأجيال القادمة لنعطي كل ذي حقٍ حقه .
و لقد بلغت اليوم وسائل الاعلام الرسمية درجة المجاهرة بالكذب والتزوير حين تعرض مراسيم واحتفالات توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية مصرةً على إخفاء طرف كان له دوره الأساسي والرئيسي في صناعة الوحدة الذي لا يستطيع أحدا أن ينكره في التوقيع على أهم حدث في تاريخ اليمن , فهل كانت الوحدة حقيقة دون الاتفاق بين القيادتين السياسيتين حينها , خاصةً وإن كل منهما كانت تحتفظ بكامل قوتها وعتادها , وهل كانت الوحدة حقيقة دون أن توقعها القيادة المبعدة بزعامة الرمز علي سالم البيض الذي أثبت حينها بتضحياته الجسام مدى حبه وتفانيه وإخلاصه لهذا الوطن ووحدته الغالية.
فكيف سمح نظام اليوم لنفسه طمس صورة هي جزء من تاريخ اليمن .. كيف سمح هذا النظام لنفسه بتزوير حقائق التاريخ المعاصر على مرأى ومسمع من الملأ الذين يدركون هذا الزيف جيدا .
لقد عمل النظام منذ انقلابه على الوحدة القائمة على المشاركة الوطنية ، عمل على تسخير الإعلام الرسمي والأقلام المأجورة من أجل التظليل على حقائق محفورة في قلوب الناس وعقولهم ، وكانت النتيجة أن تعمقت الكراهية وتراكم الغضب في قلوب أبناء اليمن تجاه هذا النظام واعلامه الفاسد
وكان من المفترض أن تتسم العلاقة بين الإعلام الرسمي وأفراد الشعب اليمني بالشفافية والمصداقية ,حتى لا تفقد هذه الوسائل احترامها أمام أفراد الشعب اليمني. ، خاصة وإن تلك الوسائل تعد من الأدوات والمصادر التي يستعين بها المؤرخون في كتابة التاريخ المعاصر .
أما المؤرخون الذين تمتد كتاباتهم إلى أزمنة بعيدة لا يعيشونها ولأجيال لا يعرفونها , فيجب عليهم تجاه هذه الأجيال أن ينقلوا لهم الوقائع التاريخية كما جاءت بكل أمانة ,بحلوها وبمرها ، وبصوابها وبخطئها , مجردة عن كل ميول أوتعصب مهما كان نوعه , ولتكن لهم عبرة في كثير من الوقائع التي جاءتنا كحقائق تاريخية لا جدال فيها ثم بتطور الفكر البشري والأدوات التكنولوجية نسفت تلك الحقائق وبان زيفها وفضح من افتراها وكيلت له اللعنات .
وأنتم أيها المؤرخون يجب أن تكونوا حذرين في كتابتكم لتاريخنا المعاصر لأنه وإن استطعتم أن تكذبوا على الكثير منا إلا أنكم حتماً لن تتمكنوا من الكذب على الأجيال القادمة لأنها ستكون مسلحةً بأدوات ثقافية وتقنية متطوره لانعرفها وستتعرى أكاذيبكم أمامهم فيحتقروكم ويكيلوا لكم اللعنات .
  
- العنزان الاصلي (التاريخ اليمني المعاصر بين الحقيقة والتزوير)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق