نعيش اليوم منعطفا حادا وحرجا في واقعنا السياسي والاجتماعي ونحتاج في هذا المنعطف الحاد إلى تحكيم العقول وتعميق الرؤى وبعد النظر لكافة المتغيرات التي نعيشها في هذه الفترة لكي نتمكن من الخروج من هذا المأزق الحقيقي الذي أخذت غماماته السوداء تنتشر في سماء الوطن اليمني الحبيب لترسم ظل مستقبل غامض لاندري أين سيستقر بنا .
فما نعيشه من متغيرات في الحياة السياسية والاجتماعية من حراك جنوبي يتحرك ويتداعى له كامل الجسد اليمني بالسهر والحمى لأنه جزء لا يتجزأ منه. وهذا الحراك كما هو واضح وجلي صار يتأرجح بين ثلاثة محاور رئيسية تتجاذبه ولا ندري أين ستصل به ومعه . وهذه المحاور هي : المحور الأول : محور النظام الحاكم الذي غرس الضغينة والحقد في النفوس فأنجبت تذمرا بدأ يكبر ، ثم يكبر حتى صار اليوم غضباً عارماً وصرخة ً مدوية تهتز لها كل جنبات الوطن . ، وذلك لأن هذا النظام أصابه جنون العظمة ونشوة الانتصار الأهوج ، فصار يفكر ويتصرف وفق ثقافة الانتصار التي يتوهمها غير آبه بكرامة الإنسان اليمني وعزته وحريته وحقوقه ودماءه الزكية التي سحقها بجنازير الغدر والغطرسة نعم إنه ذلك النظام الذي لم يتورع في انتهاك الحرمات دون أدنى وازع ديني أو أخلاقي .. نعم وأي حرمة أسمى وأجل من حرمة النفس وحرمة المال وحرمة العقل وحقه في التعبير عما يدور في فلكه.. نعم أي حرمة أقدس من هذه الحرمات التي تحفظها وترعاها كل الديانات السماوية وكل النظم الأخلاقية والقوانين الوضعية . ، هذا هو حكم قدسية تلك الحرمات بالنسبة لكل المسلمين ولكل البشر فما بالك إذا كانت واقعة على من ينتمون لنفس تربة الوطن الغالي .وتلك دلالة مباشرة على خلو جوهر هذا النظام من كل القيم الدينية والأخلاقية والقومية والوطنية . هذا النظام الذي توهم نفسه يغزو ا الصليبيين فأباح دماءهم وممتلكاتهم وحرياتهم وفتح الباب على مصراعيه للفيد وجمع الغنائم فنشر الرعب والنهب بوحشية مفرطة في كل أرجاء الجنوب وبادر منذ اللحظة الأولى إلى مصادرة الممتلكات والأراضي العامة والخاصة لصالحه وأتباعه المقربين و قياداته العسكرية وعصابات الفيد والغنيمة . هذا النظام الذي نهب الكثيرين من ممتلكاتهم ومنازلهم، وسرح آلاف الموظفين والجنود الذين لا يتبعونه أو الذين أبوا الركوع والقبول بالجور والغطرسة. هذا النظام الذي اجتهد في كل الفترة المنصرمة مستخدما كل وسائل القمع والترهيب في سبيل كبت صرخات الحق وطمرها تحت رماد الدمار الذي شنته آلته العسكرية الهوجاء. ، لكنه وبرغم الخوف والرعب الذي نشره بين الناس عجز أن يكمم الأفواه لأن شعب الجنوب ومعه كل الأحرار اليمنيين سرعان ما أفاقوا من هول الصدمة، وبدأوا يطلقون الصيحة والصرخة التي صارت ترتفع شيئا فشيئا حتى اهتزت لها كل المشاعر ونبضت معها كل القلوب وتدافعت لها الدماء في العروق نصرة للحق في وجه الطغيان . فقديما سئل الحق: أين كنت يوم طغى الباطل؟ قال : كنت تحته أجتث جذوره. المحور الثاني : هو محور أولئك الخبثاء الذين سارعوا بكل مكر إلى استغلال عواطف الناس وغضبهم لاستثمارها لمصلحتهم الشخصية هم أولئك الذين لم يتوانوا في المساومة بحقوق الناس وحرياتهم ومشاعرهم ليوظفوها في سبيل الضغط باتجاه تحقيق مكاسب فردية.. هم الذين باعوا شعباً لقاء قطعة أرض أو لقاء بعض فتات السلطان (زعيمهم الأكبر). هم أولئك الذين لبسوا عباءة لا تتلاءم إطلاقا مع جوهرهم .. هم أولئك الذين يدعون أنهم مع الجنوبيين وهم أعداؤهم . هم أولئك الذين تركوا الهدف ليلهثوا وراء سراب.. تركوا الجرح ينزف لينبشوا بجواره جرحا جديدا فأين ما رسموا من أهداف تسعد أبناء الجنوب .. هم لم يرسموا في الأفق أهدافا .. بل رسموا هدفا هو بحد ذاته خيانة للجنوبيين قبل غيرهم.. خيانة لنضالهم ومبادئهم.. لأنهم من صنع الوحدة وليساو من تنكر لها.. لأنهم الأحرار وسيأبون التراجع عن هدف سطروه بدمائهم وأموالهم . فهم بكل تأكيد أحق الناس بالوحدة .لأنهم صناعها. وإذا ماتناولنا مثالا يجسد هذا المحور ، بناء على ماتناوله العديد من المحللين ، وليكن طارق الفضلي، الذي يزعم اليوم رعايته وتبنيه للحراك الجنوبي وهو المعروف بولائه العريق للنظام وللمؤتمر بشكل خاص من خلال انتمائه المعلن والصريح لهما وتفانيه في خدمتهما . وهو المعروف بارتباطه بأواصر النسب والمصالح المشتركة والمترابطة مع أسرة آل الأحمر، وهو كما يرى الكثير من المحللين اليد اليمنى الخفية لعلي محسن الأحمر الذي يوظفه لأهداف مستورة أبرزها سببان : الأول هو توجيه رسالة من خلال الفضلي للرئيس علي عبد الله صالح واستعراض لنفوذه وقدراته تجاه الرئيس خاصة في ظل تجاذب مخفي بين الطرفين على بعض الاختصاصات والصلاحيات وتقاسمهما على مراكز النفوذ والسيطرة . خاصة في الجانب العسكري . أما السبب الثاني فهو استخدام طارق الفضلي في التشويش على جوهر المعاناة الحقيقية لأبناء الجنوب والنأي بها بعيدا عما يمكن تحقيقه بهدف تشتيت وإفشال تلك الصرخات. إضافة إلى زرع الفتنة وشق الصف الواحد بين الجنوبيين بشكل عام وفي صفوف الحزب الاشتراكي اليمني بشكل خاصة انطلاقا من مبدأ قديم ورثوه عن الاستعمار وهو مبدأ ( فرق تسد). المحور الثالث: هو محور الأحرار الذين يجري في دمائهم حب الوطن الخالص وكل معاني وقيم التحرر والكرامة وغيرها من القيم الأخلاقية السامية. أولئك الذين ارتضوا التضحية والفداء بكل غال ونفيس في سبيل المكاسب العامة لكل أبناء الجنوب وكل أبناء الشعب. وحين لهث أصحاب المصالح الضيقة وراء مطامعهم وسال لعابهم على ممتلكات ومقدرات الشعب العامة والخاصة. وقف الشرفاء صفا واحدا وبوضوح منذ البداية في صف أبناء الجنوب وأبناء الشعب اليمني الذي هو ضحية لأولئك الطغاة مع التفاوت بين منطقة و أخرى. نعم وقف أولئك الأحرار في صف الحق وفي نصرة شعب مكظوم مغلوب على أمره وسطروا أروع معاني التضحية والفداء ، وبذلوا أرواح الشهداء من خيرة الرجال وأزكاهم في سبيل أبناء الجنوب وكل أبناء اليمن بعيدين عن الغلو والتطرف الذي ليس من شأنه سوى الدفع بالأبرياء إلى الهاوية ، وسفك دمائهم الزكية التي هي أكرم وأسمى غاية في الوجود يجب أن نحافظ عليها ولانساوم عليها مطلقا لخدمة مصالح فردية أنانية مؤكدة الخسارة . نـــداء : يا أحرار الجنوب .. بل يا كل أحرار الوطن أناشد فيكم عقولكم المدركة والمثقفة أناشد فيكم خبراتكم وتجاربكم السياسية المتراكمة أناشد فيكم كل معاني الإباء والتحرر والكرامة . بكل تلك المعاني الجميلة وغيرها مما فاتني ذكرها أدعوكم إلى أن تتحلوا ببعد النظر وعمق الفكرة والرؤية، وأن تتلمسوا الواقع المحيط بكم من كل زواياه وجوانبه، وأن تدركوا جيدا كيف تميزون بين العدو من الصديق، وأن لا تنجروا وراء سياسات التخوين التي لم نجن منها سوى الفرقة والدمار. عليكم يا أحرار الجنوب ونحن معكم صفا واحدا أن تتصدوا لكل صور الظلم والغطرسة تماما كما تتصدون لمن يحاول استغلال قضيتكم والمتاجرة بها، وأنتم بكل تأكيد أكبر من أن يستغفلكم أحد. أدعوكم يا أحرار الجنوب يا من صنعتم الوحدة وبذلتم أغلى التضحيات في سبيلها أن تحافظوا على هذا المنجز الذي أنتم صانعوه.لأنه عنوان مجدكم وعزتكم . أطلقوا صرختكم وأعلنوا غضبكم وإصراركم على التمسك باستعادة الحقوق المنتهكة بكل ما أوتيتم من وسيلة، ولكن في إطار الوحدة لأنها ملككم وعنوانكم ولا تخص على الإطلاق من تنكر لها وشن عليها الحرب، لا تخص من تنكر لنضالكم وتضحياتكم بل تخصكم أنتم وإن تخليكم عنها يعني تخليكم عن كيانكم وجوهركم. وبكل ثقة أنتم لستم من يبيع القضية، لستم من يبيع العزة والكرامة، لستم من يرضى بشق الصف وعرقلة النضال الذي سيؤدي إلى جني ثمار لاشك أنتم قاطفوها فاثبتوا على مبادئكم ونحن معكم جميعا ومعنا كل الأحرار الشرفاء وهم كثر لازالت اليمن ملأى بسوادهم الأعظم. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق